خالتي ...
لخمسة عشر عاماً وانت على هذا الحال ، تنامين على أمل وتصبحين على انتظار ، كلما دق جرس الباب همت بالنظر في اتجاهه ، علك ترينه يدخل عليك فتحتضنيه بين ذراعيك ، تحسي بنبضات قلبه في صدرك ، وتشتمي رائحته كما تشتم الأم رائحة طفلها الرضيع.
خالتي ...
ها أنت تلقيت خبر بطولته اليوم ، كما تلقيت خبر بطولة أخيه العام الماضي ، ظننته سيقبل إليك يوماً بروحه وجسده من باب البيت ، وإذا بجسده الطاهر قابع بتراب الرمادي طوال الخمسة عشر عاماً ، وعاد إليك عظاماً بعد أن نهش لحمه سجانوه وقاتلوه.
خالتي ...
كان لي شرف رؤيته ليلة أسره ، وشرف الجلوس بجانبه على العشاء في تلك الليلة ، وشرف مداعبته لي ، وشرف ملاحظة اضطرابه ، وكأنه عالمٌ بقدره بعد ساعات ، كان دائم التحرك في تلك الليلة ، يتنقل من غرفة لأخرى ، لابساً بنطلونه الأزرق الرياضي وبلوزته البيضاء ، متوجاً رأسه بـ "تشريمبة" شماغ ، مجسداً لبس المقاومة الرسمي ، ولم يكن يعلم أنها ثيابه التي سيؤسر بها ، ويستجوب بها ، ويعذب بها ، ويستشهد ويدفن بها ، أو ربما كان يعلم؟
خالتي ...
كان لي شرف سماع قصص تملصه منهم ، وقصص أسره وتعذيبه ، وتحمله ورباطة جأشه ، فشهدوا له بأنهم صعقوه بالكهرباء أمام أخويه كلما سألوه "من هو سيدك؟" وأجاب "سيدي جابر."
فإن كان ما بذاكرتي له في ليلة أسره وقصص تعذيبه هو شرفي ، فخبريني ... كيف هو شرف أم الأسيرين الشهيدين؟
خالتي ...
حتى الخيال لا يقدر أن يصف كم أضناك دهر خمسة عشر عاماً ، إني أتساءل ... ما حالك اليوم؟ هل تبكين؟ ذلك إن بقيت فيك دموع ، وإن بقي بعينيك مكان لتجرحه.
خالتي ...
خالتي ...
رحل اليوم ، عل رحيله يطوي الدفة الأخرى من كتاب انتظار إبنيك والقلق عليهما ، رحل تاركاً وراءه ثلاثة أبناء أصغرهم لم يره ، ترك ذاك الصغير ليحكي للأجيال من بعده تاريخاً بطولياً حياً.
خالتي ...
افرحي يا بطلة فرحة أم الأبطال ، اقطعي صفحة من كتاب الانتظار قبل أن تغلقيه وتركنيه ، ضعي تلك الصفحة جانباً ، فهي لموعدك بهما في أرفع جنانه ، كم أتشوق لسماع صوتك الليلة ، كم أتشوق لتهنئتك ببطولتهما ، كم أتشوق لرؤية صورته بجانب صورة أخيه على حائط منزلك الطاهر.
أرجوك اقبلي خاطرتي المتواضعة ، وإلى أن ألقاك عما قريب.ـ
لخمسة عشر عاماً وانت على هذا الحال ، تنامين على أمل وتصبحين على انتظار ، كلما دق جرس الباب همت بالنظر في اتجاهه ، علك ترينه يدخل عليك فتحتضنيه بين ذراعيك ، تحسي بنبضات قلبه في صدرك ، وتشتمي رائحته كما تشتم الأم رائحة طفلها الرضيع.
خالتي ...
ها أنت تلقيت خبر بطولته اليوم ، كما تلقيت خبر بطولة أخيه العام الماضي ، ظننته سيقبل إليك يوماً بروحه وجسده من باب البيت ، وإذا بجسده الطاهر قابع بتراب الرمادي طوال الخمسة عشر عاماً ، وعاد إليك عظاماً بعد أن نهش لحمه سجانوه وقاتلوه.
خالتي ...
كان لي شرف رؤيته ليلة أسره ، وشرف الجلوس بجانبه على العشاء في تلك الليلة ، وشرف مداعبته لي ، وشرف ملاحظة اضطرابه ، وكأنه عالمٌ بقدره بعد ساعات ، كان دائم التحرك في تلك الليلة ، يتنقل من غرفة لأخرى ، لابساً بنطلونه الأزرق الرياضي وبلوزته البيضاء ، متوجاً رأسه بـ "تشريمبة" شماغ ، مجسداً لبس المقاومة الرسمي ، ولم يكن يعلم أنها ثيابه التي سيؤسر بها ، ويستجوب بها ، ويعذب بها ، ويستشهد ويدفن بها ، أو ربما كان يعلم؟
خالتي ...
كان لي شرف سماع قصص تملصه منهم ، وقصص أسره وتعذيبه ، وتحمله ورباطة جأشه ، فشهدوا له بأنهم صعقوه بالكهرباء أمام أخويه كلما سألوه "من هو سيدك؟" وأجاب "سيدي جابر."
فإن كان ما بذاكرتي له في ليلة أسره وقصص تعذيبه هو شرفي ، فخبريني ... كيف هو شرف أم الأسيرين الشهيدين؟
خالتي ...
حتى الخيال لا يقدر أن يصف كم أضناك دهر خمسة عشر عاماً ، إني أتساءل ... ما حالك اليوم؟ هل تبكين؟ ذلك إن بقيت فيك دموع ، وإن بقي بعينيك مكان لتجرحه.
خالتي ...
نعم لم تتعلمي ، ولم تعملي ، ولم تتعد حياتك سوى تربية أبنائك والواجبات الاجتماعية ، إلا أنك قدمت للكويت ما لن نقدر على تقديمه ، قدمت لها بطلين ، وقدمت لها مثالاً للتضحية ، مثالاً للأم ذات القلب الكبير ، مثالاً للمرأة الصلبة التي طالما استصغروها.ـ
خالتي ...
رحل اليوم ، عل رحيله يطوي الدفة الأخرى من كتاب انتظار إبنيك والقلق عليهما ، رحل تاركاً وراءه ثلاثة أبناء أصغرهم لم يره ، ترك ذاك الصغير ليحكي للأجيال من بعده تاريخاً بطولياً حياً.
خالتي ...
افرحي يا بطلة فرحة أم الأبطال ، اقطعي صفحة من كتاب الانتظار قبل أن تغلقيه وتركنيه ، ضعي تلك الصفحة جانباً ، فهي لموعدك بهما في أرفع جنانه ، كم أتشوق لسماع صوتك الليلة ، كم أتشوق لتهنئتك ببطولتهما ، كم أتشوق لرؤية صورته بجانب صورة أخيه على حائط منزلك الطاهر.
أرجوك اقبلي خاطرتي المتواضعة ، وإلى أن ألقاك عما قريب.ـ
13 comments:
very moving.. to be honest, islobik abharni.. I didn't see much of that creative side of you in writing..
في الجنة إن شاءالله والله يصبر خالتك
Yes, there are mothers and fathers thatstill don't know the fate of their POW's. And there are some that have only just buried their sons after 15 years of torment.
We should never forget those martyrs who died for this land and our freedom.
I got tears reading this; very sincere.
Your aunt is a strong woman. Sa7, it is more than pride what she and you have to feel.
We owe our martyrs, and we owe their families, a better Kuwait.
alla iy9abbur iglobkom.. lohom ilyanna inshalla .. my condolences and congratulations to you and ur heroic family..
الله يرحمه و يغفر له
و يتقبله مع الشهداء ان شاء الله
الله يرحمه و يغفر له و مثواه الجنه إن شاء الله
أبطال رحلوا لكنهم موجودين في عقولنا و قلوبنا دائما
اللهم أرحمهم و ارحمنا
مثواه الجنه أنشاءالله...و الله يصبركم
الله يصبر خالتك ويخليك لها
Jandeef i hope ur better now!
allah esabber khaltek and ommi and evey omm inshalla..
My condolences to your and your family.
Thanks everybody for your kind words. It meant the world. Finally auntie gets a closure and sleeps at night knowing where her two sons are.
May god finally bring closure to the families that are still waiting to hear their news.
SheWrites,
Ajirna wajrich.
Moe-isha,
She and other POW families gave Kuwait more than anybody could imagine.
3awart galbi wallah o and I got very emotional reading this post bas ma agool ila allah ye9aber galbaha o galb kil om ra7 minha `6anaha...mathawahom al jannah inshallah...
Post a Comment